دينا جوني (دبي)

انطلق القيّمون على المنتدى العالمي للتعليم والمهارات 2019 من جمود بعض الأنظمة التعليمية وأسلوب بناء السياسات بعيداً عن الفئات الأكثر التصاقاً وتأثيراً بمهنة التعليم، لكي يختاروا «من يغيّر العالم» شعاراً للدورة السابعة منه التي انطلقت أمس، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في فندق أتلانتس.
وقد تحول المنتدى الذي راكم الكثير من الخبرات والممارسات منذ انطلاقته، إلى منصة تعمل جاهدة على دفع الجهات المسؤولة عن السياسات التعليمية إلى التغيير، لإعطاء الأجيال المحرومة فرصاً حقيقية لبناء مستقبل أفضل، ولتبني الاستراتيجيات التي تدعم الطلبة في كل العالم بمهارات المستقبل.
تغيّرت القاعة الرئيسة للمنتدى هذا العام، لتكون فعلاً منصة حول جوانبها الأربعة الوزراء وصانعو السياسات، والمجتمع المدني، والمعلمون، بالإضافة إلى جهات القطاع الخاص، وتعلوها شاشة 360 درجة، وهي الأكبر التي تستخدم في المنطقة.
الحوار والتقارب والمشاركة تحت مظلة التكنولوجيا، هي الرسالة التي أراد منظمو المنتدى تقديمها في اليوم الأول من الفعاليات، أمس، مؤكدين بلسان فيكاس بوتا الرئيس التنفيذي لمؤسسة فاركي أنه «لا يوجد نظام تعليمي يمكن أن يتفوق على جودة المعلمين. ولذلك فإن تحسين نتائج التعلم هو الأولوية، ولا يمكن القيام بذلك إلا من خلال تحسين وضع المعلمين الراهن في المجتمع».

«أنا روهينجا»
ورفع المنتدى في جلسته الافتتاحية نداء شعب الروهينجا الإنساني بضرورة مساعدة الأطفال اللاجئين، ودعمهم بالتعليم الذي يمنحهم الأمل للحصول على مستقبل أفضل.
ووحّد أحمد أوللا، منظّم مسيرات السلام والكاتب المشارك في الفيلم الوثائقي «أنا روهينجا» صوته مع زينب أركاني التي تدير أول مدرسة في العالم لشعب الروهينجا في كندا، في إطار دعوة لضمان توفير التعليم للأطفال بوصفه الطريق الوحيد لإصلاح حياتهم ومنحهم مستقبلاً أكثر إشراقاً.
وافتتح أولى جلسات المنتدى نجم «الإنترنت» ومدون الفيديو والمقدّم، الطفل ذو العشرة أعوام برايدون بينت وحاور مارك بولوك، الرياضي الذي تغلّب على تحدياته الجسدية والبصرية، ويتمتع بشخصية باحثة دوماً عن الاستكشاف، ومينا غولي رائدة الأعمال وصاحبة الروح المغامرة التي تلتزم بدعم الجهود العالمية للحفاظ على المياه، وكينيدي أوديد الذي عاش طفولة فقيرة وبات اليوم من أبرز رواد الأعمال الاجتماعية في أفريقيا.
وتناول طارق القرق الرئيس التنفيذي لـ«دبي العطاء» موضوع بناء الثقة وحث الطلاب حول العالم على الشعور بالمسؤولية، وتحدث كمثال عن الطالبة السويدية جريتا ثونبيرغ التي حشدت إضراباتها ضد تغير المناخ خارج برلمان بلدها الآلاف على مستوى العالم لمتابعة أفعالها.
وبوجود نحو 10 ملايين شخص جديد يدخل سوق العمل في العالم اليوم، يجب على التعليم المقدّم في الوقت الراهن التغيّر ليواكب تطور المهن والقطاعات على تنوعها. وتماشياً مع رؤية الإمارات 2021، على قطاع التعليم لدينا أن يضمن حصول الشباب على ما يتطلبه تعزيز وتيرة الابتكار.

العنف والسلاح
اجتمع نخبة من المعلمين من الولايات المتحدة الأميركية خلال المنتدى في جلسة حوارية تحدثوا خلالها حول موضوع العنف والجرائم باستخدام الأسلحة النارية.
وشارك في الجلسة الحوارية برايان كوبس، وناديا لوبيز، ومارك فوندراسيك، وهم من المرشحين السابقين لجائزة أفضل معلم في العالم خلال دورة العام الماضي من «المنتدى العالمي للتعليم والمهارات».
وتطرقت الجلسة لبعض التساؤلات مثل مذبحة ثانوية كولومباين، والدستور، والتوعية بأهمية رعاية الصحة النفسية ونشر الوعي في الفصول الدراسية على مستوى وجوب تقصّي المعلمين لبعض السلوكيات التي ترفع احتمالات حدوث الجرائم في الفصول الدراسية.
وقال برايان كوبس، العضو المؤسس في الائتلاف الوطني للمدارس الآمنة: لا ينحصر اهتمامنا جميعاً بإيجاد حل لمشكلة جرائم السلاح فحسب، ولكننا أيضاً نبحث عن الإجابة لتساؤل رئيس حول سبب استمرار هذه الجرائم.. وقد بلغ معدل إطلاق النار في المدارس حالة واحدة أسبوعياً في الولايات المتحدة في العام الماضي، سواءً في الريف أو المدينة، وهذه مأساة حقيقية بلا أدنى شك.
وأضاف: لن نستطيع بطبيعة الحال إيجاد حل لهذه المشكلة بين عشية وضحاها، ولكن على الأقل يمكننا التعاون. وكمثال على ذلك إنشاء الائتلاف الوطني للمدارس الآمنة. وبالرغم من أن انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة يعود بشكل أساسي للدستور الذي يكفل حق المواطنين بحيازة الأسلحة النارية، إلا أن هذا الوضع أصبح أكثر تعقيداً على مستوى العالم، ويعود سبب ذلك جزئياً إلى تزايد شعبية ألعاب الفيديو العنيفة.
وأضافت نادية لوبيز، مديرة المدرسة وعضو مؤسس في الائتلاف الوطني للمدارس الآمنة: إنه موضوع بالغ الصعوبة، خاصة عندما نشهد تأثير هذه الجرائم على الأطفال. ولكن بالطبع لا يعاني الأطفال وحدهم جرائم العنف ومآلاتها على الصحة العقلية والنفسية، بل يحتاج المعلمون وموظفو الدعم أيضاً إلى المساعدة. وفي هذا السياق، تعدّ جودة الرعاية الصحية العقلية أمراً في غاية الأهمية من حيث قدرة متخصصي الرعاية الصحية المدربين على التعامل مع تبعات الحوادث.

التقنية لتعليم عالي الجودة
اجتمع وزير التعليم الغاني ماثيو اوبوكو بريمبيه مع وزيرة التعليم الكينية أمينة محمد في جلسة حوارية خلال فعاليات المنتدى العالمي للتعليم والمهارات 2019 المقامة في دبي، في جلسة «كيف يمكن للسياسيين حفز التقنيات التعليمية؟».
وأفاد بريمبيه أنه يتوجب على الحكومات بذل مزيد من الجهد للحد من الخوف المحيط باستخدام التقنيات الحديثة، واصفاً التكنولوجيا بأنها محرك التغيير، وأشاد بكيفية تمكينها للطلاب في المناطق النائية من الحصول على فرصة التعلم عن بعد.
وقال إن التكنولوجيا قدمت مساعدة كبيرة، إلا أنها لا يمكن أن تحل محل المعلم البشري ومن الضروري أن يمتلك جميع الطلبة الذين اختاروا التعلّم عن بعد، شخصاً يرشدهم ويحميهم لضمان سيرهم نحو تحقيق النجاح.
وأشارت أمينة محمد إلى برنامج في كينيا، حيث تم تعريف الطلاب بالأجهزة اللوحية من الصف الأول، وأكدت أهمية استخدام التكنولوجيا لتمكين الطلاب والتأكد من امتلاكهم مهارات القرن الحادي والعشرين.
وعلى صعيد توفير التكنولوجيا للمناطق الأكثر فقراً، فقد تطرقا إلى موضوع خصخصة التعليم أو على الأقل بعض جوانبه لزيادة إمكانات نشر التكنولوجيا.

700 ألف من لاجئي الروهينجا
أشار عاصف صلاح، رئيس الاستراتيجية والاتصالات والتمكين في المنظمة غير الحكومية BRAC، إلى أن بنجلاديش استقبلت أكثر من 700 ألف من لاجئي الروهينجا، ومنحتهم المساعدة والدعم الطارئ. وقال إن التحدي الأكبر الآن هو ضمان وصول الأطفال إلى التعليم والمهارات أو المخاطرة بخسارة جيل كامل.
وقال إن الجهات المانحة بدأت تتعرض للإرهاق، فقد تمت تلبية ما نسبته 40% فقط من احتياجات العام الحالي التي تجاوزت 600 مليون دولار أميركي. وأوضح: نحن بحاجة إلى حل على المدى المتوسط - وهو غرس المهارات، وتوفير فرص كسب العيش بكرامة لتأسيس الاكتفاء الذاتي.